الأربعاء , 4 ديسمبر 2024

رغم الإلتزامات الخارجية .. النقد الأجنبي يتنفس الصعداء خلال 2024

كتب : أميرة محمد

توقع عدد من الخبراء ، ومسؤولى البنوك أن يشهد احتياطى النقد الأجنبى استقراراً خلال الفترة المقبلة ، مشيرين إلى أن  إحتمال تراجع الاحتياطى النقدى وارد الحدوث ، خاصة فى ظل ارتفاع قيمة الالتزامات واستحقاقات المديونيات الواقعة على الدولة خلال عام 2024 .

يأتى ذلك فى الوقت الذى أظهرت فيه بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري ، أن احتياطات البلاد من النقد الأجنبي صعدت إلى 35.25 مليار دولار في يناير، مقابل 35.22 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023، من 35.173 مليار دولار في نوفمبر.

ويتعرض الاقتصاد المصري لضغوط بسبب أزمة سعر الصرف، خاصة فى ظل تراجع التدفقات الدولارية وتراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج وارتفاع تكاليف خدمة الديون الخارجية، حيث تواجه مصر تحديات مرتبطة بتذبذب وفرة النقد الأجنبي داخل الأسواق المحلية، أدت إلى تدهور سعر صرف الجنيه إلى مستويات غير متوقعة نتيجة تعاملات المضاربين فى السوق الموازية ، وذلك قبل أن يتراجع مجدداً مع الإعلان عن توصل مصر لإتفاق بشأن قرض صندوق النقد الدولى  بقيمة 3 مليارات دولار ، مع توقعات زيادة قيمة القرض لـ  7 أو 8 مليار دولار .

وترددت أنباء حول إتفاق مرتقب بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، لتوسيع قيمة قرض مالي حصلت عليه القاهرة في ديسمبر 2022، بقيمة 3 مليارات دولار، دون الإعلان عن الرقم الجديد.

وتسارع هبوط سعر الجنيه المصري في السوق الموازية، بعد توقعات محللين اقتصاديين بقرب تنفيذ تحريك رابع لسعر صرف الجنيه في السوق المحلية، تنفيذاً لمتطلبات صندوق النقد الدولي.

وخفضت مصر سعر صرف الجنيه ثلاث مرات منذ مارس 2022، من متوسط 15.7 أمام الدولار الواحد، ليستقر حالياً عند حوالي 31 جنيهاً في السوق الرسمية.

كما أنه بعد عام صعب سواء بسبب الأزمات الداخلية أو الخارجية، وبخلاف الحديث عن فجوة تمويلية ضخمة تواجهها مصر خلال الفترة المقبلة، تشير البيانات الرسمية إلى إرتفاع إجمالي الالتزامات الخارجية بما في ذلك الأقساط وفوائد الديون لتسجل نحو 42.3 مليار دولار خلال العام المقبل.

وقد تضاعف إجمالي الديون الخارجية المستحقة على مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث بلغ إجمالي الدين الخارجي بنهاية الربع الأول من العام الماضي نحو 165.4 مليار دولار.

يذكر أن تضاعف الدين جاء نتيجة زيادة الاقتراض من المقرضين متعددي الأطراف وأسواق الدين العالمية، ويعادل هذا الرقم نحو 40.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، أي أقل من حاجز الـ 50% المقدر من جانب صندوق النقد الدولي لمستويات الديون التي يمكن السيطرة عليها، وتمثل الديون المقومة بالدولار أكثر من ثلثي الديون الخارجية للبلاد.

أحمد نصار الخبير المصرفى، قال أن احتياطى النقد الأجنبى قد واصل الارتفاع فى يناير 2024 ، ليسجل 35.25 مليار دولار في يناير ، ومن المتوقع أن يصمد الاحتياطى النقدى حتى نهاية العام ، وذلك مع توصل مصر لإتفاق مع صندوق النقد الدولى ، بشأن التمويل الجديد .

أضاف، أن إرتفاع اجمالى قيمة أقساط المديونيات المستحقة على مصر خلال العام الجارى 2024 ، لتقترب من الـ 40 مليار دولار يعد تحدى كبير أمام صناع القرار ، سواء البنك المركزى المصرى أو وزارة المالية المصرية والحكومة ، خاصة مع تراجع تدفقات النقد الأجنبى ، وإرتفاع سعر الدولار أمام الجنيه بالسوق الموازية ، الأمر الذى يجعل الاحتياطى النقدى يواجه تحدى .

أشار إلى أن اتفاق صندوق النقد الدولى ودخول شريحة القرض الجديد سيكون له دور إيجابى فى توفير سيولة دولارية تساهم فى تنفيذ سعر صرف مرن والقضاء على الموازية ، وتوفير اقساط المديونيات المستحقة .

عبد العزيز الصعيدى الخبير المصرفى ، أكد أن احتياطى النقد الأجنبى سيواصل الصمود عند مستوياته المرتفعة البالغة 35.25 مليار دولار ، وذلك بفضل جهود البنك المركزى فى ضبط أداء السوق من خلال أدوات السياسة النقدية ، مشيراً إلى أن التوصل لإتفاق مع صندوق النقد الدولى سيعزز موارد النقد الأجنبي وسيساهم فى القضاء على السوق الموازية ، ويعزز قدرة الدولة فى الحصول على تمويلات من مؤسسات أخرى ، مما يؤهلها لسداد المستحقات الواقعة عليها خلال العام الجارى .

ووفق بيانات “المركزي المصري”، فإنه سيتعين على مصر سداد نحو 32.8 مليار دولار ، والتي تعادل نحو 20% من إجمالي الديون الخارجية للبلاد، ديون متوسطة وطويلة الأجل مستحقة خلال 2024، ويمثل هذا زيادة قدرها 3.6 مليار دولار عن تقديرات البنك في سبتمبر الماضى، وهو ما يرفع إجمالي الديون المتوسطة والطويلة الأجل المستحقة على البلاد إلى 29.2 مليار دولار العام المقبل.

وفيما يتعلق بالديون قصيرة الأجل، فإنه سيتعين على مصر سداد نحو 9.5 مليار دولار أخرى من أقساط الديون والفوائد قصيرة الأجل خلال النصف الأول من 2024، ومن المقرر سداد الجزء الأكبر من تلك الديون خلال شهري فبراير ومارس القادم  ، حيث لا تتجاوز توقعات التقرير بشأن هذه الفئة من الديون سقف شهر يونيو المقبل.

وبنهاية العام المالي الماضي، سجل الدين الخارجي لمصر نحو 164.7 مليار دولار، بإنخفاض عن 165.4 مليار دولار في مارس الماضي، لكنه لا يزال أعلى بنحو 9 مليارات دولار من الرقم المسجل بنهاية العام المالي 2021/2022.

يذكر أن صندوق النقد الدولي، كان قد كشف أن مصر سوف تسدد للصندوق نحو 261 مليون دولار في يناير 2024، وذلك ضمن 6.7 مليار دولار مديونيات يتعين عليها سدادها للمؤسسة الدولية خلال 2024.

وسددت مصر نحو 564 مليون دولار للصندوق خلال شهر ديسمبر الماضي، ليرتفع إجمالي ما تم سداده إلى نحو 3.764 مليار دولار، لكنها مازالت ثاني أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين.

وارتفعت مديونية مصر للصندوق خلال جائحة كورونا بعد حصولها على حزمة مساعدات تقترب من 8 مليارات دولار ، وذلك بخلاف نحو 12 مليار دولار قيمة برنامج التمويل الذي تم الاتفاق عليه في 2016 ، والذي نفذت مصر بموجبه برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وفيما يتعلق بالودائع الخليجية، فقد مددت الإمارات أجل استحقاق وديعة بقيمة مليار دولار كانت تستحق في يوليو الماضي، ليصبح تاريخ استحقاقها في يوليو 2026، ووفقا للبيانات يبلغ إجمالي ودائع دولة الإمارات لدى البنك المركزي 5.7 مليار دولار.

كما مددت الكويت أجل استحقاق وديعة بقيمة ملياري دولار لدى البنك المركزي ، حيث كانت تستحق في أبريل 2023 لمدة عام جديد لتستحق في أبريل 2024، ويبلغ إجمالي ودائع الكويت نحو 4 مليارات دولار، وقد أشارت تقارير محلية الشهر الماضي إلى أنه تم تمديد أجل استحقاق وديعة أخرى بقيمة ملياري دولار إلى سبتمبر 2024.

يذكر أن مصر اقتربت كثيراً من التوصل لإتفاق مع صندوق النقد الدولي، لإستكمال صرف شرائح قرض الصندوق البالغ قيمته 3 مليارات دولار، وتقديم دعم إضافي من الصندوق وغيره من شركاء التنمية لسد فجوات التمويل المتزايدة في مصر- وفقًا لبيان للصندوق – فيما يرى نواب، أهمية التوصل لهذا الإتفاق لتحقيق استقرار في سوق الصرف والقضاء على السوق الموازية وتعزيز السيولة الدولارية في البنوك، وهو ما ظهر في إنخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازية.

وواجهت مصر في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم العالمي، أزمة نقص في النقد الأجنبي بسبب خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بأكثر من 20 مليار دولار، وارتفاع فاتورة الاستيراد، مما دفعها للجوء لصندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، ووافق الصندوق في أكتوبر من عام 2022 على إقراض مصر شريطة تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يلزمها بتبني سياسة سعر صرف مرن بشكل دائم، وتم صرف الشريحة الأولى من القرض بقيمة 347 مليون دولار، وأوقف صرف باقي الشرائح بسبب عدم تنفيذ بعض التعهدات.

الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري ، قال إن الحكومة المصرية أوشكت على التوصل لإتفاق مع صندوق النقد الدولي لإستئناف صرف باقي شرائح القرض البالغة قيمته 3 مليارات دولار ، بالإضافة إلى تقديم دعم إضافي لسد الفجوة التمويلية المتزايدة التي تواجهها مصر بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة، وكذلك زيادة مدة القرض بما يتناسب مع زيادة التمويل لتتجاوز أكثر من 4 سنوات، وسيتحدد هذا الأمر خلال الفترة القريبة المقبلة.

وزار مصر خلال الأسبوعين الماضيين، وفد من صندوق النقد الدولي، وألتقى مع عدد كبير من الوزراء والمسؤولين، وتوصل الوفد إلى تقدم ممتاز في المناقشات المتعلقة بحزمة السياسات الشاملة اللازمة للتوصل إلى إتفاق على مستوى الخبراء للمراجعتين الأولى والثانية المجمعتين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر الذي يدعمه الصندوق، وفقًا لبيان رسمي صادر من الصندوق.

أشار الفقي، إلى أن التوصل لإتفاق مع صندوق النقد سيحفز تلقي مصر دعمًا إضافيًا من شركاء التنمية لسد الفجوة التمويلية في مصر، خاصة بعد تعهد الحكومة بتطبيق سياسة مرنة في سعر الصرف، وإصدار عدة تشريعات وقرارات لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار، وتطبيق الحياد التنافسي، متوقعًا أن يصل حجم التمويل المرتقب من الصندوق وشركاء التنمية حوالي 10 مليارات دولار، وأن تتراوح مدة القرض بين 5-6 سنوات.

وسبق أن اتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على تبني سعر صرف مرن “بشكل دائم” للمساعدة في التخفيف من تأثير الصدمات الخارجية، ودعم التنافسية، وتقليص العجز في ميزان المدفوعات، وفقًا لخطاب نوايا صادر من الصندوق في يناير 2023 بشأن القرض المقدم لمصر.

أوضح، أنه عقب التوصل الحكومة لإتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء، سيقوم البنك المركزي المصري بخفض سعر صرف الجنيه رسميًا في البنوك خلال الفترة القريبة المقبلة، وتلبية اعتمادات المستوردين، لافتًا في هذا الصدد إلى أن قرب التوصل لإتفاق مع صندوق النقد خفض من سعر صرف الدولار في السوق الموازية لأقل من 60 جنيهًا.

أضاف،  أن توحيد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وتلبية طلبات المستوردين سيؤدي للقضاء على السوق الموازية للدولار، مما سينعكس على زيادة السيولة الدولارية في البنوك من تحويلات العاملين بالخارج، وإيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر وتسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية.

ووفقًا لبيان صندوق النقد الدولي، فأن الحكومة المصرية أكدت التزامها بالتحرك الفوري بشأن كافة الجوانب المهمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث تم الإتفاق على تعزيز الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الفقيرة، لتوفير ظروف معيشية مناسبة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تضررت بشدة من ارتفاع الأسعار.

شاهد أيضاً

بدعم من برنامج الإصلاح.. النمو الإقتصادى يقاوم الصدمات !

أكد عدد من خبراء القطاع المصرفي أن إبقاء صندوق النقد الدولي على توقعاته للنمو الاقتصادي …