الجمعة , 11 أكتوبر 2024

إستقلالية “المركزى” .. خط أحمر

كتب محمد على

  

كعادته في كل مواقفه وتصريحاته فاجئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجميع بتعبيره عن استيائة من قرارت البنك المركزي الأمريكى ” البنك الفيدرالي ” بعد قيامة برفع أسعار الفائدة مؤخراً , الأمر الذى خلق حالة من البلبلة داخل الأوساط الإقتصادية عالمياً ومحلياً.

اختلفت أراء الخبراء حول مدى استقلالية البنك المركزي الأمريكي وتدخل ترامب في اختصاصاته والإنتقاص من سيادته , إلا أنهم أجمعوا على صعوبه أن يحدث هذا الأمر بمصر عبر تدخل الرئيس في إختصاصات عمل البنك المركزي المصرى ، وأن ينتقص من استقلاليته أو إختصاصاته ، خاصة وأنه منذ تولي الرئيس السيسى، مهمة عمله ظهر للجميع التنسيق بين كل مؤسسات الدولة المصرية ، دون حدوث تضارب أو تداخل فيما بينهم ، خاصة مؤسستي الرئاسة والبنك المركزي المصرى.

رمضان أنور, العضو المنتدب الأسبق لبنك الإتحاد الوطنى – مصر, قال أن البنك المركزى سلطة نقدية مستقلة ، منوط بها إدارة السياسة النقدية في الدولة طبقاً للقانون , مشيراً إلى أن هذا لا يعني أن تكون سياسات البنك المركزي بعيدة عن السياسات العامة للدولة .

أضاف أن السياسة النقدية تعد جزء من سياسات الدولة بشكل عام ، ولايمكن أن يحدث تعارض فيما بينهما، ومن الصعب قيام الدولة بوضع سياسات تتعارض مع سياسات البنك المركزي، خاصة وأن “المركزي” أحد الأدوات التي تنفذ سياسات الدولة بما له من امكانيات وصلاحيات، فعلى سبيل المثال فإن الدولة تستهدف تقليل العجز في ميزان المدفوعات ، وخفض عجز الميزان التجاري ،وتهدف ايضاً لزيادة الائتمان الممنوح ،ومن يملك الأدوات لتنفيذ هذه السياسات هو البنك المركزي .

أوضح أنور، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إستيائه من قيام البنك المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة مؤخراً، غير مقبول ويدل على عدم وجود تفاهم أو تناغم بين سياسات الدولة وإدارتها التنفيذية ، وعدم وجود رؤية أو سياسات واضحة من جانب الرئيس الأمريكي وباقي مؤسسات الدولة ، الأمر الواضح للعالم منذ تولي ترامب الرئاسة الأمريكية.

أما فيما يتعلق بمصر، فإن الوضع مختلف تماماً عن الوضع الأمريكي ،حيث أن مصر لديها رئيس يدير دولة مؤسسات ،ولديه مجالس استشارية تعاونه في تسيير أمور البلاد , مشيراً إلى أن الرئيس يعقد اجتماعات دورية ومنتظمة مع المجموعة الإقتصادية بحضور محافظ البنك المركزي ،وفي نفس الوقت فإنه منذ تولي الرئيس السيسى، مهام عمله كرئيساً للجمهورية ، نلاحظ وجود تفاهم وتنسيق واضح بين مؤسسات الدول المختلفة وليس هناك تعارض، وعلى رأسها البنك المركزي ، من أجل النهوض بالإقتصاد المصري ، مثل تبني الرئيس لمبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ،وتحرير سعر الصرف ، والتوجيه لزيادة حجم الاحتياطي الأجنبي .

علاء سماحة , رئيس البنك الزراعى سابقاً , قال أن ما صرح به الرئيس الأمريكي ترامب، يعتمد علي القانون الأمريكي ذاته ، فمن الجائز أن ينص القانون الأمريكي علي ذلك – وإن كان هذا الأمر صعب ومستبعد – , مشيراً إلى أن البنوك المركزية في كل دول العالم تتمتع بالإستقلالية ، وقرارتها ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالسياسة وشئون الحكم، بل لها علاقة بالسياسة النقدية.

أوضح أن البنك الفيدرالي الأمريكي يتمتع بإستقلالية تامه وصلاحيات واسعة , مشيراً إلى أن ما قام به ترامب يعد تدخل واضح وصريح في سياسات المركزي الأمريكي .

وفيما يتعلق بالوضع المصري قال سماحة، أن البنك المركزي المصري سلطة مستقلة ويتمتع بصلاحيات واسعة ، ولايمكن أن يتدخل الرئيس أو أي شخص آخر في سياسات البنك المركزي ، خاصة وأن القانون ينص علي ذلك ويضمن هذا للبنك المركزي .

أضاف أنه يمكن أن يتم التشاور والتباحث مع الرئاسة ، وذلك عند وجود رؤية لديه مع محافظ البنك المركزي ، من خلال عقد اجتماع مغلق يتم خلاله تبادل الأراء ،دون ان يتم التدخل من جانب الرئيس في صلاحيات المركزي ، وليس من خلال التصريحات كما فعل الرئيس الأمريكي .

حسام الغايش , خبير أسواق المال , قا أان ما قام به “ترامب” يعد تدخل فى سياسة البنك الفيدرالي الأمريكى ، حيث من المفترض أن يحترم القرار وأسبابه ، وإن كان لديه تشكك في بعض القرارات ، يجب عليه عقد اجتماعات مغلقة لمناقشته ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك القرار , موضحاً أن الرئيس الأمريكي لديه خطة إقتصادية  يسعى لتنفيذها ، دون مراعاة لإستقلالية بعض المؤسسات.

وعن الوضع المصري، أوضح أنه لم يكن هناك تدخل فى سياسات وقرارات البنك المركزى تاريخياً، حيث أن مصر تعتمد على أسعار صرف ثابتة ، وبالتالى معدلات التضخم كانت تحت السيطرة ، ولكن مع تحرير سعر الصرف ارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية , وبالتالي لم يكن هناك تدخل فى قرارات البنك المركزى .

أحمد الألفي , الخبير المصرفى أوضح أن استقلالية البنك المركزي تقاس بعدة معايير متعارف عليها ، تتمثل في  تعيين المحافظ وأعضاء مجلس الإدارة  , وسلطة عزل المحافظ وأعضاء مجلس الإدارة ,ونظام تمثيل الحكومة فى مجلس إدارة البنك المركزى , وأسلوب التصويت على القرارات فى مجلس إدارة البنك المركزى , و مدة تعيين ومخصصات المحافظ وأعضاء مجلس الإدارة.

أضاف أنه لذلك لا يعد إنتقاد الرئيس الأمريكي ترامب ، سياسات البنك الفيدرالى الأمريكي عند رفع اسعار الفائدة ، تدخلا فى إختصاصات البنك لأنه لو كان يملك التدخل ما كان لينتقده .

أما بالنسبة للوضع فى مصر فهو مختلف تماماً، لأن أسعار الفائدة المرتفعة فى مصر جاءت ضمن اجراءات السياسة النقدية التى إنتهجها البنك المركزى، لإحتواء التضخم بعد قرار تحرير سعر الصرف .

يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ،وجة انتقادات لسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي وعبر عن خيبة أمله بشأن رفع معدلات الفائدة أواخر الشهر الماضي , بعدها مباشرة أعلن البيت الأبيض عبر بيان رسمي أن الرئيس لم يكن يعني التأثير على عملية صنع القرار بالبنك الفيدرالي ، كما قال جيمس بولارد عضو البنك المركزي إن الأمر متروك للبنك في إتخاذ أفضل الطرق لتحقيق أهدافه التي حددها له الكونجرس.

شاهد أيضاً

طبقاً لقوائم النصف الأول من عام 2024 .. أرباح البنوك تركب أسانسير الصعود !

  أكد عدد من خبراء القطاع المصرفي إن إعلان البنوك عن القوائم المالية لها خلال …